بسم الله الرحمن
الرحيم
قال الله
تعالى : " قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى "
الحمد لله الذي يهيء لعباده
عبادات تجبر ما نقص من غيرها ، وشرع لهم يوم الجائزة للفوز بها ، والصلاة ، والسلام
على نبيه محمد ، وعلى آله ، وصحبه أجمعين ، وبعد :
فهذا مختصر مفيد في زكاة
الفطر ، وبعض أحكامها ، وصلاة العيد ، وصفتها ، وبعض آدابها .
أولاً : زكاة
الفطر :
زكاة الفطر صورة من صور التكافل الاجتماعي في المجتمع المسلم تبين مدى
حرص الإسلام على مساعدة الآخرين ، وسد خلة المساكين .
معناها : الزيادة ،
والنماء .
حكمها : زكاة الفطر واجبة على كل مسلم ملك ما يفضل عن قوته ، وقوت
من تلزمه نفقته ؛ لما في الصحيحين من حديث ابن عمر –"رضي الله عنه"- أن رسول الله
–"صلى الله عليه وسلم"- فرض زكاة الفطر من رمضان على كل نفس من المسلمين حر أو عبد
، أو رجل ، أو امرأة ، صغير ، أو كبير صاعاً من تمر ، أو صاعاً من شعير " . البخاري
: (1503) ، ومسلم : (984) .
الحكمة منها : لما كانت بعض العبادات تطول ،
ويصعب التحرز منها من أمور تُفَوِّتُ كمالها جعل الشرع كفارات تجبر النقص الذي عساه
أن يخل بالعبادة ، فشرعت زكاة الفطر ؛ ليطهر الصائم نفسه من اللغو ، والرفث الذي
يحتمل أن يدخل صيامه ، كما أنها طعمة للمساكين ، وإغناء لهم عن السؤال يوم العيد
.
عن ابن عباس –"رضي الله عنه"- قال : " فرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو ، والرفث ، وطعمة للمساكين ، فمن أداها قبل الصلاة
فهي زكاة مقبولة ، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات " .
رواه الإمام
أبو داود : (1609) ، وابن ماجه : (1827) ، والحاكم : (1/409) ، وقال : صحيح على شرط
البخاري ، ووافقه الذهبي .
وقت وجوبها ، ووقت جوازها : في الصحيحين عن ابن
عمر –رضي الله عنه- " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بإخراج زكاة الفطر
أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة " . البخاري : (1509) ، ومسلم : (986)
.
فتبين أن وقت الوجوب قبل الصلاة ، أما بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات كما في
حديث ابن عباس –رضي الله عنه- السابق .
وأما وقت الجواز : فهو قبل العيد
بيوم ، أو يومين ؛ لما روى الإمام البخاري عن نافع قال : " كان ابن عمر –رضي الله
عنه- يعطيها الذين يقبلونها ، وكانوا يُعْطُوْنَ قبل الفطر بيوم ، أو يومين " .
البخاري : (1511) .
الأصناف التي تخرج منها : في الصحيحين عن أبي سعيد
الخدري –رضي الله عنه- قال : " كنا نخرج زكاة الفطر صاعاً من طعام ، أو صاعاً من
شعير ، أو صاعاً من تمر ، أو صاعاً من أقط ، أو صاعاً من زبيب " . البخاري : (1506)
، ومسلم : (985) .
الأقط : اللبن المجفف .
يتبين من الحديث ، وغيره مما سبق
أن الأصناف التي تخرج منها زكاة الفطر ما يقتات به الناس من أنواع الأطعمة ، فإن
هذا كان قوت أهل المدينة ، فما يغلب على أهل بلد ما قوت معين فهو الأولى سواء ذكر
في الأحاديث ، أم لم يذكر ؛ لأن المقصود هو سد خلة المسكين كما تبين
.
مقدارها : تبين من الأحاديث السابقة أن مقدار زكاة الفطر بالكيل : صاع من
قوت أهل البلد .
والصاع يساوي أربعة أمداد – أي أربع حفنات – بكفي الرجل المعتدل
.
أما مقدارها بالوزن : فكل صاع يساوي بالتقريب كما يأتي :
القمح :
(2،200 ) جرام ، الدقيق : ( 2،75 ) جرام ، الأرز : ( 2،675 ) جرام ، التمر : (
1،800) جرام ، الزبيب : ( 2،425) جرام .
أما إخراجها بالقيمة النقدية : فلم
يرد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ولا عن أصحابه –رضي الله عنه- ، وخير الهدي
هدي محمد - صلى الله عليه وسلم - . والله أعلم .
ثانياً : صلاة العيد :
إن صلاة العيد شعير ة عظيمة من شعائر الإسلام الظاهرة التي تبين عزة المسلمين ،
ووحدة كلمتهم ، واجتماعهم على إمام واحد مما يزيد من هيبتهم ، وعدم الطمع فيهم
.
مشروعية العيد : عن أنس - - قال : " قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
المدينة ، ولهم يومان يلعبون فيهما ، فقال : " قد أبدلكم الله بهما خيراً منهما :
يوم الأضحى ، ويوم الفطر " . رواه الإمام أبو داود : (1134) ، والنسائي : (1556) ،
وصححه الألباني – رحمه الله - .
حكم صلاة العيد : هي سنة مؤكدة على كل مسلم
، ومسلمة .
وقت الصلاة : من ارتفاع الشمس قيد رمح إلى الزوال ؛ أي بعد طلوع
الشمس بثلث ساعة تقريباً .
مشروعية التكبير يوم العيد : قال الله - صلى الله
عليه وسلم -:" وَلِتُكْمِلُوْا العِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوْا اللهَ عَلَى مَا
هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ نَشْكُرُوْنَ " [سورة البقرة:185].
ويبدأ في عيد
الفطر : من رؤية الهلال ، وينتهي بالشروع في الصلاة .
صفة التكبير : الله أكبر ،
الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله ، والله أكبر ، الله أكبر ، ولله الحمد
.
صفة صلاة العيد : في الصحيحين عن ابن عباس - رضي الله عنه - أن النبي -
صلى الله عليه وسلم - صلى يوم العيد ركعتين ، لم يصل قبلهما ، ولا بعدهما ، ومعه
بلال " . البخاري : (989) ، ومسلم : (884) .
وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده -
رضي الله عنه - قال : قال نبي الله - صلى الله عليه وسلم - : " التكبير في الفطر
سبع في الأولى ، وخمس في الآخرة ، والقراءة بعدهما كلتيهما " . رواه الإمام أحمد :
(2/180) ، وأبو داود : (1151) ، وابن ماجه : (1278) .
فصلاة العيد ركعتان
يكبر الإمام في الركعة الأولى سبع تكبيرات سوى تكبيرة الإحرام ، ثم يقرأ – جهراً –
الفاتحة ، وسورة ، ثم يركع ركوعاً واحداً ، ويسجد سجدتين ، ثم يقوم للركعة الثانية
مكبراً تكبيرة القيام ، ثم يكبر خمس تكبيرات ، ثم يقرأ – جهراً – الفاتحة ، وسورة ،
ثم يركع ركوعاً واحداً ، ويسجد سجدتين ، ثم يقرأ التشهد ، ثم يسلم .
ثم يخطب
خطبة واحدة يعظ فيها المسلمين ، ويحثهم على التمسك بهذا الدين .
ويسن أن يقرأ في
الركعة الأولى سورة ( الأعلى ) ، وفي الثانية ( الغاشية ) ، أو سورة ( ق ) ،
و
( القمر ) .
ما يقال بين كل تكبيرتين : كان النبي - صلى الله عليه وسلم -
يسكت بين كل تكبيرتين سكتة لطيفة ، ولم يحفظ عنه ذكر معين ، وورد عن ابن مسعود --
أنه قال : " يحمد الله ، ويثني عليه ،ويصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم -
.
وإن شاء أن يقول : " سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر
، اللهم اغفر لي وارحمني " كان حسناً " كما جاء ذلك عن بعض السلف – رحمهم الله - .
والله أعلم .
يسن خروج النساء لمصلى العيد : في الصحيحين عن أم عطية -رضي
الله عنها- قالت : " أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نخرجهن في الفطر ،
والأضحى – العواتق ، والحُيَّضَ ، وذوات الخدور – فأما الحُيَّضُ فَيعتزلنَ الصلاة
،ويشهدنَ الخير ، ودعوة المسلمين " . قلت : يا رسول الله : إحدانا لا يكون لها
جلباب . قال : " لتلبسها أختها من جلبابها " . البخاري : (971 ، 974) ، ومسلم :
(890) .
آداب العيد :
1- يُسَنُّ للمسلم أن يتنظف ، ويلبس أحسن الثياب
عند خروجه للصلاة .
2- يستحب تعجيل الأكل قبل الصلاة خاصة في عيد الفطر ، فقد "
كان النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات ، وكان يأكلهن
وتراً " . البخاري : (953) .
3- الخروج إلى الصلاة ماشياً إن أمكن ، فعن علي -
رضي الله عنه - قال :" من السنة أن يخرج إلى العيد ماشياً ". رواه الإمام الترمذي
(530) ، وحسنه .
4- يستحب مخالفة الطريق ؛ لفعل الرسول - صلى الله عليه وسلم - .
البخاري : (986) .
5- يُسَنُّ التهنئة بقول المسلم لأخيه :" تقبل الله منا ،
ومنكم " . لفعل الصحابة - رضي الله عنه - رواه الإمام أحمد .