الحب والقرآبه بين آل البيت والصحابه رضي الله عنهم
الحب والقرآبه بين آل البيت والصحابه رضي الله عنهم يحرص الشيخ الدكتور وليد محمد عبدالله العلي إمام وخطيب المسجد الكبير، والاستاذ في كلية الشريعة والدراسات الاسلامية في جامعة الكويت على تفعيل دور خطبة الجمعة الاسبوعية، في حث المصلين على الوحدة الوطنية، للاستفادة من الدروس الشرعية، والاستلهام من الاحداث التاريخية وقد اعدت سلسلة من الخطب التي تدعو المصلين، للتشبه بحال السابقين الاولين، من آل البيت الطاهرين، والصحابة المرضيين، والتحلي بما وقع بينهم من المحبة والولاء في الدين وهذه السلسلة بعنوان: (المحبة والقرابة بين آل والصحابة) وفي ما يلي نص خطبة اليوم الجمعة:
الحمدلله الكبير المتعال، الموصوف بأوصاف الجمال، والمنعوت بنعوت الجلال، فضل بعض خلقه على بعض بالانعام والافضال، وجعل بيت النبي (صلى الله عليه وسلم) خير بيت وآل.
أحمد ربي حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه وهو المحمود على كل حال.
وأشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له شديد المحال، المنزه عن الشركاء والنظراء والامثال.
وأشهد ان نبينا محمدا عبدالله ورسوله أصدق البرية لهجة في جميل الاقوال، وأتقاهم وأخشاهم لربه في جليل الافعال، أرسله الله رحمة للعالمين ليضع عنهم الآصار والاغلال.
فصلى الله وسلم عليه وعلى آله وأزواجه وأصحابه الراشدين المهديين في الحال والمقال، صلاة وسلاما متعاقبين ما تعاقبت الايام والليال.
أما بعد:
فاتقوا الله وقابلوا أوامره بالامتثال، وسارعوا الى مغفرة من ربكم وتزلفوا إليه بصالح الاعمال، وحافظوا على الفرائض فإنها وسيلة الى بلوغ الآمال، واتقوا يوما ترجعون فيه الى الله لا بيع فيه ولا خلال.
واعلموا رحمني الله وإياكم: ان الله تعالى هو مولاكم، وهو جل جلاله يخلق مايشاء ويختار، ما كان لأحد من عباده الخيرة فيما اختار.
وان من جملة من اختارهم الرب تبارك وتعالى وفضلهم على كثير ممن خلق تفضيلا، وجعل نسلهم خير نسل العالمين محتدا وقبيلا: آل النبي (صلى الله عليه وسلم) الذي هدوا في شرف النسب سبيلا، وجعلت شمس فضلهم في سماء العالمين دليلا.
عباد الله الاخيار:
اعلموا رحمني وإياكم الرحيم الغفار، ان روض شرعكم المعطار، قد فاح منه عبق الثناء على ال نبينا المختار (صلى الله عليه وسلم).
فقد سطرت نصوص الوحي فضل الآل تسطيرا، كما في قوله تعالى: «انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا».
فقد تضمنت هذه الآية المحكمة بلا التباس، فضل آل البيت وأنهم مطهرون من الارجاس.
ومن هذه الفضائل الكثيرة، والمناقب الوفيرة: ما اخرجه مسلم في صحيحه من حديث زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: «قام رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يوما فينا خطيبا بماء يدعى خما بين مكة والمدينة، فحمد الله وأثنى عليه، ووعظ وذكر، ثم قال: أما بعد، ألا أيها الناس، فإنما أنا بشر يوشك ان يأتي رسول ربي فأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين: أولهما كتاب الله، فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به، فحث على كتاب الله، ورغب فيه، ثم قال: وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي).
فقد تضمنت هذه الوصية النبوية الشريفة، وهذه الخطبة المصطفوية المنيفة: حب آل البيت وتعزيزهم، وموالاتهم وتوقيرهم.
لذا فقد أمر المسلم ان يدعو الله تعالى لهم في جميع الصلوات، وان يسأله ان يذكرهم في الملأ الأعلى وينزل عليهم البركات، كما أخرج الشيخان من حديث عبدالرحمن بن أبي ليلى رحمه الله تعالى قال: (لقيني كعب بن عجرة رضي الله عنه فقال: ألا اهدي لك هدية؟ خرج علينا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقلنا: قد عرفنا كيف نسلم عليك، فكيف نصلي عليك؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على ال ابراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى ال محمد، كما باركت على آل ابراهيم إنك حميد مجيد.
اعلموا هداني الله وإياكم السداد والاصابة: ان جميع الصحابة، كانوا يبجلون القرابة، رضي الله عنهم أجمعين.
فرعوا واجباتهم أكمل الرعاية، واعتنوا بحرماتهم أنبل العناية، قالت عائشة رضي الله عنها: (فاضت عينا أبي بكر رضي الله عنه فتكلم وقال: والذي نفسي بيده، لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلى أن أصل من قرابتي). اخرجه البخاري ومسلم.
وقال عبدالله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما: قال أبوبكر رضي الله عنه: (ارقبوا محمدا صلى الله عليه وسلم في أهل بيته). اخرجه البخاري.
فهذا تعظيم آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يدين الله تعالى به أبوبكر الصديق، وأما اجلالهم الذي كان يظهره عمر الفاروق، فيتجلى فيما أخرجه البخاري في صحيحه من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: (ان عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبدالمطلب رضي الله عنه فقال: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا. فيسقون).
فأكرم بيت هذا آله، وببر هذا مآله (رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت انه حميد مجيد).
بارك الله لي ولكم في الفرقان والذكر الحكيم، ووفقنا للاعتصام به وبما كان عليه النبي الكريم، عليه افضل الصلاة وازكى التسليم، من الهدي القويم، والصراط المستقيم.
أقول ما تسمعون واستغفر الله الغفور الحليم، لي ولكم من كل ذنب وحوب فتوبوا إليه واستغفروه انه هو التواب الرحيم.
الحمدلله عدد ما ترطبت الالسن بالثناء والدعاء لآل البيت من فج قلبها العميق، والحمدلله عدد ما أثنى المثنون عليهم وسألوا لهم السداد والرشاد والتوفيق.
وأشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له الهادي الى سواء السبيل والطريق.
وأشهد ان نبينا محمدا رسول من أنفسنا هو بالمؤمنين رؤوف ورحيم ورفيق.
صلى الله وسلم عليه وعلى من أنعم الله عليهم من آل بيته فكان منهم الشهيد والصالح والصديق.
أما بعد: فأوصيكم يا أهل الايمان، بتقوى المنان، فهي من امارات الصديقية وعلامات الاحسان.
معشر المحبين، لآل البيت الطاهرين:
ان التعظيم والاجلال، خلق متبادل بين الصحب والآل، فكما ان الشيخين يجلان أمير المؤمنين عليا، فكذا كان علي يجل أبا بكر وعمر اجلالا جليا، فكان علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول: (كنت إذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا نفعني الله بما شاء منه، وإذا حدثني عنه غيري استحلفته، فإذا حلف لي صدقته، وان أبا بكر رضي الله عنه حدثني، وصدق أبوبكر أي: إن أبا بكر صادق ولا حاجة لي ان استحلفه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ما من رجل يذنب ذنبا ثم يقوم فيتطهر، ثم يصلي، ثم يستغفر الله: إلا غفر له، ثم قرأ هذه الآية: (والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله) الى آخر الآية. أخرجه أحمد وأبوداود والترمذي وابن ماجه.
فهذا تقدير أبي الحسنين لأبي بكر الصديق، وأما توقير أبي السبطين لعمر الفاروق، فنور مشكاة الاقتباس، يضيء من حديث ابن عمه عبدالله بن عباس، وهو يروي حديث استشهاد أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، فيقول بعد فصل الخطاب: (وضع عمر بن الخطاب على سريره، فتكنفه الناس يدعون ويثنون، ويصلون عليه قبل ان يرفع وأنا فيهم.
فلم يرعني إلا برجل قد أخذ بمنكبي من ورائي، فالتفت إليه فإذا هو علي، فترحم على عمر وقال: ما خلفت أحدا أحب إلي ان ألقى الله بمثل عمله منك، وايم الله ان كنت لأظن ان يجعلك الله مع صاحبيك، وذاك أني كنت أكثر أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: جئت أنا وأبوبكر وعمر، ودخلت أنا وأبوبكر وعمر، وخرجت أنا وأبوبكر وعمر، فإن كنت لأرجو أو لأظن ان يجعلك الله معهما) اخرجه البخاري ومسلم.
فهذان الحديثان، وما في معناهما كذلك: يكاد سنا برقهما يذهب بأبصار من أورد نفسه المهالك، فظن بالآل والاصحاب خلاف ذلك.
فهذا محمد بن الحنفية، يسأل أباه علي بن أبي طالب رضي الله عنه من هو خير البرية، بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم من البشرية، فيقول: (قلت لأبي: أي الناس خير بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: أبوبكر. قلت: ثم من؟ قال: ثم عمر. وخشيت ان يقول: عثمان، قلت: ثم أنت. قال: ما أنا إلا رجل من المسلمين) اخرجه البخاري.
فما أحوجنا معشر الاخوة الاخيار، الى قراءة تاريخ أمتنا المعطار، لنتعرف على المحبة والقرابة بين آل البيت الاطهار، وبين الصحابة الابرار، لتلهج ألسنتنا بقول العزيز الغفار: (ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم).
وليكن مسك الختام، معشر الاخوة الكرام: ترطيب ألسنتكم بالصلاة والسلام، على خير الانام، امتثالا لأمر الملك القدوس السلام، حيث قال في أصدق قيل وأحسن حديث وخير كلام: (إن الله وملائكته يصلون على النبي يأيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما).
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم، في العالمين، إنك حميد مجيد.
وارض اللهم عن الاربعة الخلفاء الراشدين، والائمة الحنفاء المهديين، أولي الفضل الجلي، والقدر العلي: أبي بكر الصديق، وعمر الفاروق، وذي النورين عثمان، وأبي السبطين علي.
وارض اللهم عن عمي نبيك حمزة والعباس، وريحانتيه الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة بلا التباس، وآله وازواجه المطهرين من الارجاس، وصحابته الصفوة الاخيار من الناس.
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الاحياء منهم والاموات.
اللهم امنا في الوطن، وادفع عنا الفتن والمحن، ما ظهر منها وما بطن.
اللهم أعنا ولا تعن علينا، وانصرنا ولا تنصر علينا، وامكر لنا ولا تمكر علينا، ويسر الهدى لنا، وانصرنا على من بغى علينا.
عباد الله: اذكروا الله ذكرا كثيرا، وكبروه تكبيرا (وأقم الصلاة).
.
.